د. مي ريحاني
21 تشرين الثاني 2025
Washington D.C.
International development expert, academician, and author.
20 شباط 82
واشنطن، الولايات المتحدة
أبجدية
وتصبحُ أحرفُ الأبجديّةِ مغارةَ علي بابا
إفتحْ يا سمسم
تخرجُ الأحرفُ مرتديةً حلَّتها وحِلـيَـتها الجديدة
ترقصُ أمامي
أحرفٌ تعانقُ أحرُفاً للمرّةِ الأولى
وتولدُ كلماتٌ جديدة.
إفتح يا سمسم
تُعلنُ الأبجديةُّ بملءِ صوتِها:
أُعطيكِ الحريّةَ لاستعمالِ أحرُفي كما تشائين.
ويقعُ عليَّ السحر.
تلمسُ عصايَ طرفَ كلِّ حرف
أخلطُ الورق
أغيّرُ قواعدَ اللَعِب
تتكاثرُ الدوائرُ أمامي
تتداخلُ الكلماتُ
وتنبتُ على الأرض لغاتٌ لم تُسمعْ من قبل.
وعلى رأس كلِّ ألِفٍ تتفتّحُ وردةٌ حمراء.

ميّ الريحاني، ميّ الفريكة، ميّ “النهار”
واشنطن – “النهار”
تتهيَّأ مؤسسة “بلاتفورم إنترناشيونال” في واشنطن إلى إصدار طبعة جديدة من مجموعة
“… يلف خصر الأَرض” للشاعرة اللبنانية الأميركية ميّ الريحاني.
وكانت الطبعة الأولى صدرَت قبل نحو 30 سنة، وكانت لها تردُّدات كثيرة في الصحافتَين اللبنانية وتلك الأميركية والعربية.
المجموعة من 50 قصيدة في أَربعة أبواب: “وُجُوهي الأَربعة” (8 قصائد)، “سبع سنوات وحبّي” (18 قصيدة)، “أَنين الوطن الصغير” (14 قصيدة)، “أبجدية” (10 قصائد). والقصائد، وَفق تنقل الشاعرة وأسفارها، مكتوبة بين لبنان و21 مدينة أميركية وأفريقية وأوروبية وعربية.
وللشاعرة قبلها مجموعتان شعريتان:
“حفر على الأيام” (دار الريحاني – بيروت 1969)، و”إسمي سواي” (دار الريحاني –
بيروت 1974). وكانت قصائد كثيرة من المجموعات الثلاث صدرَت تباعًا في “ملحق النهار”، بعناية رئيس تحريره الشاعر أَنسي الحاج، قبل ظهورها في كتب مطبوعة.
من التردَّدات التي جرت عند صدور الطبعة الأولى من “… يلفٌ خصر الأَرض” واشنطن، 1992، في 128 صفحة)، تقتطف “النهار”، ولها دالة على المجموعة، ثلاثَ رسائل تلقّتْها الشاعرة من ثلاثة شعراء: نزار قباني، جوزف صايغ، وعبدالله بشارة الخوري (عبدالله الأخطل).
هنا رسالة نزار قباني:
لندن في 1992/5
عزيزتي مي
وصلَتْني مجموعتكِ الشعرية الجميلة
“يلَف خصرَ الأَرِض”. وبعدما قَرأتُها اكتشفْتُ أنكِ لا تلفّينَ خصر الأَرض فقط، وإِنما تلْفَين خصر كلِّ الكواكب والشمّوس والمجرّات.
إِنَّ أَهمّ ما فيكِ هو هذه الطاقة الهائلة على الحب، حب كلّ شيء، وأيّ شيء، من أَصغر حجَر إِلى أَعلى ناطحة سَحاب، ومن أصغر منقوشة زيت وزعتر في لبنان إلى أبعد سمكة في شواطئ فلوريدا.
الفرقُ بيننا وبينكِ، يا مي، أَننا عشَّاقٌ مكسورون ومكتَئِبون، وشاحبون كقشرةِ ليمونة، بينما أنتِ عاشقةٌ تتومَّجين نضارةً وأملاً، وتؤمنين أن ينابيع لبنان سوف تتفجّّر مرَّةً أخرى، وعصافيرَه سوف تطير مرَّةً أَخرى.
نحن نتمَلمَل في هذا العصر العربي المالح، وأنت تؤمنين بعصر الحبَق والوزّال والعرزال، والموّال الذي يلّف خُصّورِ النساء اللبنانيات، وخاصرة البحر وخاصرة القصيدة.
الفرقُ بيننا، يا مي،أَنِ قيامتَنا صارت وراءَنا، بينما قيامتُكِ هي أمامكِ.
إن قصائدكِ هي فرحٌ وغبطة وصحوٌ وعافية.
أدام الله علينا زرقة سمائكِ.
نزار قباني
وهنا مقطع من رسالة جوزف صايغ:
باريس في 1992/10/29
وصلَني كتابُكِ فإذا به جزءٌ من لبنان، منا جميعًا، يَصلُني في غربة الهزيمةِ النهائية… لم يكن كتابًا، كان نفحة صنوبريّة من الفريكة، من ميّ الفريكة، ميّ بيروت، ميّ “النهار”. (…) جميع العواصم والمدن التي كتبْتِ منها وفيها لم تكن بالنسبة إلى فؤادي غير بيروت، بيروتنا التي كانت نحن… أوتار كثيرة حرَّكها قلمكِ في ذاكرتي، لا أحدد أيّها بالضبط كان الأعذب والأَشد عذوبة… ولا أَعرف هل أحببتُ الكتاب لأَنه كتابكِ، أم أحببْتُكِ لأنك التي في الكتاب… قصيدتكِ التي عن طفلك “الذي لم يأتِ”، هائلة، فالمحن والزمن منحا أسلوبكِ مسحة جديدة مؤثرة إنسانية نسائية.
جوزف صايغ
وهنا مقطع آخر من رسالة عبدالله الأخطل
بيروت في 1994/9/20
سيدتي الكبيرة مي الريحاني
سأجرح تواضعِكِ، وأقول إنني حاولت جاهدًا، وحاسدًا، أَن أَجد سطرًا فِي كتابكِ ندم عنكِ على كتابته، فلم أوفق. وإِني لا “أَساير”، فأَنا من قال وَكَتب أَن نثر جبران في “النبي” كلّه شعر، وأن “مواكبه” الخليلية ساقطة حتى نثريًا.
أيتها الشاعرة الحقة، بيادرنا في هذه السنوات خالية إِلَّا من الزؤان. أَطعمينا “خبز الفقراء”، وأنا مؤمن بأن ابنك “الذي لم يأتِ” سيأتي في قصائدَ يحلمُ الحلم أن يأتي بمثلها.
سلام الله والوردِ عليكِ
عبدالله الأخطل